علامَاتُ النِّهايَةِ ...
بقلم: الشَّاعر إحسان الخوري
يا ابنةَ الخُلودِ الثَّاني ...
المُتَهاويَةِ الأركانِ في ذاكِرَتي
افتَحي نافِذَتكِ العَتيقةِِ ..
اسمعي ثَرثراتِ الرِّيحِ المُتَرنِّحَةِ
قبلَ أن تَضيعي في تَراتيلِ الحَبَقِ
وتَغرَقي في رائِحَةِ النَرجِسِ..
فَتَعودُ أيَّامُكِ كَالحانياتِ حانياتٍ ...
يا ابنةَ الخُلودِ الثَّاني ...
أتَذكَّرُ أشياءَكِ في راحَةِ ذاتي ..
فَأنتَظِرُ ذَوبانَ الشَّمسِ عِندَ الأُفُقِ
تَحكي أُقصوصَةَ جِنِّياتِ الأنُوثَةِ ..
أُقيِّدُ نَظَري بِغَسَقِ الغابَةِ المُوحِشِ
أرقُبُ حُرَّاسَها بِنِصفِ عَينٍ ..
أُعاقِرُ أشباحَ مِقعَدِكِ المَهجورِ ..
وأقْتاتُ مِن ذاكِرَتي الجاهِزَةِ ...
أَلوكُ أحلاميَ المُتَيَبِّسةِ مُنذُ أزمِنةٍ
أتمرَّدُ على شَريعَةِ الزَّمنِ المَحمومِ
وأنتَظِرُكِ عِندَ سُورِ التَّعَبِ ...
يَغُصُّ القَمرُ ويَلوذُ خَلفَ الغابَةِ
أُطَبطِبُ على ظِلِّكِ في أحلامي
أُرافِقُ هُروبَكِ في الزَّمَنِ المُغلَقِ
أَسرِجُ صورَتك بِذاكِرَتي ..
فتَذوبُ أحلامي رويَداً رويَداً ..
وتَستَفيقُ أشياءُ شَوقي المُحَطَّمَةِ ..
تَدلِفُ إليكِ ..
يَلتَصِقُ فؤادي بِأُنوثَتِكِ الشَّرِسَةِ
يَجوبُ أسرارَ شَرايينِكِ ..
يُشاغِلُ قِصَصَ فؤادِكِ ..
لا يَستَهينُ ..
فأَسمَعُ خُلخالَكِ يَشرَعُ بالشَّقاوَةِ
يَتمادى في الرَقصَةِ المُدهِشَةِ ..
يَغمِزُ إلى السَّبابَةِ في قَدَميكِ ..
يُلوِّحُ بِنَشوَةِ الإبهامِ ..
تَضْحَكُ القَدَمانُ قد أُصيْبَتْ بالغَرامِ
يَرقُصُ الخَصرُ على رنَّةِ الخُلخالِ
يَتمايَلُ ..
هو ظَنَّ أنَّ الجَسَدَ أُغْنيةٌ ..
يَزدَحِمُ الطَّريقُ إلى قَدَمَيكِ ..
فيُرهَقُ الخُلخالُ بانعكاسِ الدَّورانِ
َتَدبُّ الفَوضى ..
تَجِفُ شَفتَيكِ ..
تعُضُّ على لذَّةِ النَّشوةِ ..
يَنقُرُ الخُلخالُ خَفيفَاً خَفيفَاً ..
تَختَلِطُ الأصداءُ ..
تَنْتَفِضُ عَفْويَّةُ التُّوتِ ..
تَفُكُّ مآزِرَها ..
تُفرِجُ عن الحَجَلَتينِ ..
فتُصبِحُ طوْعَ النَّظراتِ ..
دَعْكَ من قُدرَةِ الحَجَلِ على الفَرارِ ..!
إنَّهُ المُشْتَهى المَوعودُ ....
أنصِتُ الى آهاتِ الحَجَلِ ..
فأنظُرُ إلى جِوارِ يَدَيكِ ..
حيثُ قَفَصُ الحَجَلتينِ ..
تَتراقصُ نَظراتي ..
كالهُنودِ الحُمرِ حَولَ النَّارِ ..
وتَبدأُ تتَعَتَّقُ ثَرَواتُ الجَسَدِ ..
أَترُكُ شَفتيكِ مُغْرَقَةً ..
أُحَدِّقُ بالتُّوتِ في تَر تيبِ جَسَدِك ِ
يَبدأُ الصِّراعُ بين النُّزولِ والصُّعودِ
يُغادِرُ الصَّمتُ هارِباً ..
إنَّهُ العِشْقُ يَقرَعُ الطُّبولَ ..
ستَتآكَلُ المُدُنُ المَعشوقَةُ..
ويَعِمُّ الخَرابُ ...
فأَطفِقُ أَسكُبُ عَشْرَ حَواسِّي ..
على أنوثَتُكِ الجائِعَةُ ..
تَشْتَعِلُ المَواقِدُ ..
تُغلَقُ البَوَّاباتُ ..
يَهرُبُ المَخاضُ إلى الأعماقِ ..
تتَسَرَّبُ النَّشوَةُ بينَ الأضْلاعِ والحُطامِ
فتَظهَرُ علاماتُ النِّهايَةِ ...
تَهدَأُ الأهْدابُ ..
نَظَراتٌ أخيرةٌ وتُغلَقُ الأجْفانُ ..
مَسَحاتٌ حانيَةٌ ..
تُهَروِلُ الحَواسُّ بعدَها إلى المُكوثِ
وتَبقى أصداءُ الضَّجيجِ زَمَناً ..
تَئِزُّ ..
حتَّى يَثْمُلُ الجَسدانُ .....
من ديواني الثَّالث: قَوافِلُ النِّساءِط